عجوز في الصحراء...... بلا كلأ أو ماء

عجوز في الصحراء...... بلا كلأ أو ماء

إن الإنسان لا يستطيع أن يرسم قدره كما أنه في كثير من الأحيان لا يستطيع أن يخط طريق السعادة الذي يسعى إليه الجميع إذ تجري الرياح بما لا تشتهي نفس الإنسان لأن هذه هي سنة الكون و هذه هي لعبة الأقدار التي لا يستطيع أحد أيا كان التلاعب بها إلا الله جل جلاله.
في غابر الأزمان كان هناك بائع أحذية عجوز ......بائع قد جار عليه الزمان في طياته ولكنه علمه ما لم يتعلمه إلا النوادر ...... لقد علمه الحكمة............ خلق الأبطال , خلق كل من لم يعرف الخزي أو العار , قال تعالى " و من أوتى الحكمة فقد أوتي خيرا كثيرا " وهذا كان الدافع الحقيقي و المسبب الأساسي الرئيسي في عونه على الكثير من الفاجعات التي أصابته و الابتلاءات التي ابتلاه الله بها فكل مرة كان يعلو مقامه وينال مرامه ففي أحد المرات كان على دابته في إحدى الصحاري القاحلة ينقل بضائعه من بلد إلى آخر للاتجار بها ليؤمن لقمة عيشه من إدام و ما إلى ذلك ..... أنهكه التعب بعد مسير طويل ,و جهد عسير فلم ير نفسه إلا و قد ارتمى على الرمال الناعمة تحت ظل شجرة وارف , استيقظ متعجبا... لقد اختفى حماره و معه البضائع, ليس هذا فحسب بل أنه في وسط صحراء لا كلأ فيها ولا ماء ذات نهار حار خطير ,و ليل بارد زمهرير , ياللكارثة ........ لكن العجوز لم يستسلم, جاعلا من الحكمة التي رزقه إياها الله بصيصا يهديه لبر الأمان و يرشده إلى طريق السلام و الاطمئنان , فتماسك و استجمع قواه الهزيلة متكلا على الله وواضعا بين عينيه قوله تعالى "إن مع العسر يسرا إن مع العسر يسرا" و إذ به يرى بارقة أمل تلوح له في الأفق ........ إنها واحة .... واحة وارفة الظلال مهما ينهل المرء منه فهي لا تنضب ليس هذا فحسب بل رآى قافلة قد استقرت بها تطعم الدواب , وتتمتع بتلك المناظر التي تفتن القلوب الألباب .... و تلك القافلة كانت سبيل العجوز بالعودة إلى دياره , وتحسين أحواله فقد أدرك بأنه إذا كان مع الله كان معه و أن الاستسلام لشبح اليأس لا يجلب إلا الآثار السلبية فلا تستسلم مهما كانت الضغوط و المصاعب فاليأس عدو الإنسان